صراع العنف والتسامح ..... إلى أين؟

صراع العنف والتسامح ..... إلى أين؟

لقد اصبح إنسان اليوم أكثر المخلوقات خوفا وقلقا أكثر من أي وقت مضى نتيجة الأوضاع التي آل إليها ونظرا لتراكم المخاطر والتهديدات الناتجة عن التحولات الكبرى التي يمر بها المجتمع الإنساني الذي يديره المجتمع الدولي، في ضل ما يعرف بصدام الحضارات والثقافات، وانتشار النزعات العرقية والإقليمية، والاعتماد على عنصر القوة الذي اصبح خيار الأقوياء في قيادتهم للعالم، وانتشار العنف بجميع أطيافه الذي لم يسلم منه فرد او مجتمع. خوف لا يمكن وصفه بالخوف الطبيعي كالذي يصادفنا في حياتنا اليومية، ولكنه خوف كوني وجودي لا يهدد الأنا فحسب بل يتجاوز ذلك ليهدد نحن والمصير الإنساني، حتى أصبحت مجتمعات العالم في أسوأ حالاتها مقارنة بالعصور السابقة.

هذا العصر الذي اصبح فيه الإنسان تواق للتسامح، تسامحا ترجوه آمال باحثة عن مستقل أفضل، يعيش فيه الإنسان بمبادئه الخيرة التي جبل عليها غريزيا أو تلك التي توصل إليها من خلال خبراته المتجددة، من أجل تحرير مستقبل الغد من عنف الحاضر. عنف طالما خيم علينا في عصر ألف لغة الموت، عصر ألف فيه الإنسان البكاء وتعود على الأحزان وعلى انتشار العنف والتدمير، عصر كاد ان يتحول فيه الانسان إلى سلعة اقتصادية تخضع لقانون العرض والطلب، الاستيراد والتصدير مع التفنن في صناعة الموت وأدواته، والتباهي بأفضل من توصل إلى اكتشافها، والأكثر دمارا وفتكا بأرواح البشر، وبأخفها وزنا وأدقها تصويبا وأسهلها نقلا وأكثرها قطعا للمسافات، جميعها وإن تنوعت واختلفت فغايتها واحدة وهي أنها تهدد وجودنا ومستقبلنا.

لقد اصبح العنف السمة البارزة لعالمنا المعاصر في مقابل إجهاض كل رسائل التسامح والمحبة، وإهمال نصوص السلام وحكم الحكماء ورسالات الانبياء الداعية للمحبة دون البغضاء، وإلى التسامح دون العدوان. لقد دعوا للاعتصام بحبل السلام والتسامح، على أن تكون جوهر السياسات المشرعة، وفي أخلاقيات المدنية الحرة. إن حالة السلام بين الناس ليست من فعل الطبيعة، إنما تصنعها إرادة البشر حيث يتوجب على بني الانسان أن يعينوا سلوكهم بشكل صحيح بموجب ضرورة الشريعة لكي تقوم حرية الفرد إلى جانب حرية الآخر وفق مبدأ الحق.

والسؤال المطروح هنا، هو كيف يمكن أن ننتقل من مرحلة العنف إلى مرحلة السلم والتسامح؟ وكيف نبني مجتمعا سلميا تحكمه قيم التسامح الدائمة؟.